فصل: خلع السطان محمد ابن السلطان محمود وولاية ابنه الآخر مسعود الأكبر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خبر السلطان محمود مع الغز بخراسان.

لما حبس السلطان أرسلان بن سلجوق ونهب احياءهم أجلاهم عن ضواحي بخارى فعبروا نهر جيحون إلى خراسان وامتدت فيهم أيدي العمال بالظلم والتعدي في أموالهم وأولادهم فتفرقوا وجاءت منهم طائفة في أكثرمن ألفي خركاة إلى كرمان ثم إلى أصفهان وكان يسمون العراقية وطائفة إلى جبل بكجان عند خوارزم القديمة وعاث كل منهم فيما سار فيه من البلاد وبعث السلطان إلى علاء الدولة بأصفهان لرد الذين ساروا إليه إلى الري وقبلهم وحاول ذلك بالغدر فلم يستطع وحاربهم فهزموه وساروا عنه إلى أذربيجان وأفسدوا ما ساروا عليه وصانعهم وهشوذان صاحب أذربيجان وآنسهم وكان مقدموهم: بوقا وكوكاش ومنصور ودانا وأما الذين ساروا إلى خوارزم القديمة فكثر عيثهم في تلك النواحي وأمر السلطان محمود صاحب طوس أرسلان الحاجب أن يسير في طلبهم فاتبعهم سنتين ثم جاء السلطان على أثره فشردهم على نواحي خراسان واستخدم بعضهم وكان أمراؤهم: كوكاش وبوقا وقزل ويغمروتا صغلي.
ولما مات السلطان محمود استخدمهم ابنه مسعود أيضا وساروا معه من غزنة إلى خراسان فسألوه فيمن بقي منهم بجبل بكجان عند خوارزم فأذن لهم أن يسهلوا إلى البسائط على شرط الطاعة ثم انتقض أحمد نيال عامل الهند فسار مسعود إليه وولى على خراسان تاش وكثرعيث هؤلاء الغز في البلاد فأوقع بهم تاش وقتل أميرهم يغمر وبعث السلطان مسعود من إجلائهم عن البلاد ومثل بهم بالقتل والقطع والصلب فساروا إلى الري طالبين أذربيجان للحاق بالعراقية منهم كما مر ذكرهم فملكوا الدامغان ونهبوها ثم سمنان ونهبوا جوار الري وايجاباذ ومشكوبة من أعمال الري وخربوا كل ما مروا عليه من القرى والضياع فاجتمع لحربهم تاش وأبو سهل الحمدوني صاحب الري وسار إليهم تاش في العساكر والفيلة على التعبية ولقوه مستميتين وسبق إليه أحياؤهم فهزموه وقتلوه ثم ساروا الى الري فهزموا أبا سهل الحمدوني وعسكره ولحق بقلعة طبول ونهبوا الري واستباحوا أموالها وجاء عسكر من جرجان فاعترضوه وكبسوه وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا ومضوا إلى أذربيجان ليجتمعوا بالعراقية ثم رجع علاء الدولة بن كاكويه إلى أصفهان بعد مسيرهم من الري وطلبوا مولاه أبا سهل على طاعة مسعود فلم يتم وعاث الغز في أذربيجان وأوقع بهم ففارقوها إشنفاقا من نيال وأخيه طغرلبك وافترقوا بين الموصل وديار بكر فملكوها ونهبوها وعاثوا في نواحيها كما مر ذكره في أخبار قرواش صاحب الموصل وابن مروان صاحب ديار بكر.
هذه أخبار أرسلان بن سلجوق مفصلة إلا مفصلة إلا ما اختصر منها بالري وأذربيجان فإنه يأتي في مواضعه من دولة الديلم وأما طغرلبك وإخوته داود وبيقو وأخوه لأمه نيال المسمى بعد الإسلام إبراهيم فانهزموا وأقاموا بعد سلجوق ببلاد ما وراء النهر وكان بينهم وبين علي تكين صاحب بخارى حروب ظهر عليهم فيها فعبروا جيحون إلى خوارزم وخراسان وكان من أخبارهم فيها وما آل أمرهم إلى الملك والدولة ما يأتي ذكره.

.افتتاح نرسى من الهند.

كان السلطان محمود قد استخلف على الهند من مواليه أحمد نيال تكين فغزا سنة إحدى وعشرين مدينة نرسى من أعظم مدن الهند في مائة ألف مقاتل فنهب وخرب الأعمال واستباحها وجاء إلى المدينة فدخلها من أحد جوانبها واستباحها يوما ولم يستوعبها حتى خرجوا فباتوا بظاهرها خوفا على أنفسهم من أهل البلد وقسموا الأموال كيلا وأرادوا العود من الغد فدافعهم أهلها ورجع أحمد نيال بعساكره إلى بلده.

.خلع السطان محمد ابن السلطان محمود وولاية ابنه الآخر مسعود الأكبر.

لما توفي السلطان محمود كان ابنه مسعود بأصفهان فسار إلى خراسان واستخلف على أصفهان فثار أهلها بخليفته وعسكره فقتلوهم فعاد إليهم مسعود وحصرها وافتتحها عنوة واستباحها ثم استخلف عليها وسار إلى الري ومنها إلى نيسابور وكتب إلى أخيه محمد بالخبر وأنه لا ينازعه ويقتصر على فتحه من طبرستان وبلد الجبل وأصفهان ويطلب تقديمه على محمد في الخطبة فأحفظه ذلك واستحلف العساكر وسار إلى مسعود وكان أكثر العساكر يميلون إلى مسعود لقوته وشجاعته وعلو سنه وأرسل التوتناش صاحب خوارزم وكان من أصحاب السلطان محمود يشير على محمد بترك الخلاف فلم يسمع وسار فانتهى إلى بكياباد أول رمضان من سنته وأقام وكان مشتغلا باللعب عن تدبير الملك فتفاوض جنده في خلعه والادالة منه بأخيه مسعود وتولى كبر ذلك عمه يوسف بن سبكتكين وعلى حشاوند صاحب أبيه وحبسوا محمدا بقلعة بكياباد وكتبوا بالخبر إلى مسعود وارتحلوا إليه بالعساكر فلقوه بهراة فقبض على عمه وعلى صاحب أبيه وعلى جماعة من القواد واستقر في ملك أبيه شهر ذي القعدة من سنته وأخرج الوزير أبا القاسم أحمد بن الحسن السيمندي من محبسه وفوض إليه الوزارة وأمور المملكة وكان أبوه قبض عليه سنة ست عشرة وأربعمائة وصادره على خمسة آلاف دينار ثم سارإلى غزنة فوصلها منتصف اثنتين وعشرين وأربعمائة ووفدت عليه رسل جميع الملوك من جميع الآفاق واجتمع له ملك خراسان وغزنة والهند والسند وسجستان وكرمان ومكران والري وأصفهان والجبل وعظم سلطانه.